recent
أخبار ساخنة

التواصل بين الثقافات - الثقافات ذات المقام العالي والثقافات ذات المقام المنخفض.

 

يوجد في العالم نمطان أو نوعان من الثقافة هما الثقافة ذات المقام العالي والثقافة ذات المقام المنخفض، وهي مصطلحات تشير إلى الاختلافات في الهرم الاجتماعي والقيم والتفاعلات الاجتماعية بين مجموعات مختلفة من الناس. 

التواصل بين الثقافات - الثقافات ذات المقام العالي والثقافات ذات المقام المنخفض.



والطريقة التي يتفاعل ويتواصل فيها الأفراد الذين ينتمون لثقافات مختلفة، وهذه الثقافات تمثل طرائق وأساليب في تكوين مفاهيم التواصل، ومنها العادات، اللغة، القيم الشعورية، مفاهيم الزمان والمكان، الاتصال اللفظي واللالفظي (بومان، 2023، ص262).

كيف تؤثر الثقافة على التواصل؟

الثقافة تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل وتأثير عمليات التواصل بين الأفراد. إليك بعض الطرق التي يمكن للثقافة أن تؤثر على التواصل:

1- لغة وتعبيرات.

اللغة تعتبر جزءًا مهمًا من الثقافة وهي تمثل هوية الشعوب في كل مجتمع، مهمتها تجميع الأفكار والتعبير عنها وقد اكد علماء النفس أن اللغة خلال نشأتها في القدم كانت تستعمل بشكل خاص بهدف التواصل والاتصال (السعران، 1963، ص14).
وهي ليست مجرد وسيلة للتواصل بل تعبر عن المعتقدات والقيم. وبعض الكلمات والتعابير قد تكون فريدة لكل ثقافة وكل مجتمع، ويفهمها أفرادها بشكل أفضل فلا يوجد مجتمع بدون وجود اللغة التي تعبر عن ثقافته وتاريخه، وتساهم في التواصل بين الثقافات حيث تتمثل الوظيفة الاتصالية والتواصلية في دور اللغة في الإخبار والتبليغ والتعبير عن المعلومات وتبادلها بين الأشخاص (شرشال، 2002، ص59-68).

2- التربية والتكوين.

يؤثر نوع التربية والتكوين الثقافي في كيفية تعامل الأفراد مع الآخرين وكيفية التعبير عن أنفسهم. حيث تؤثر المعايير الثقافية في سلوكيات وتصرفات بعض الأشخاص ضمن الأوساط الاجتماعية حيث عن الثقافة هي مجموعة معتقدات وسلوكيات مشتركة لفئة من الناس بحيث تتماشى مع سلوكيات تظهر في التفاعلات الاجتماعية (عبد الحق وعبد الارضي، 2023، ص99).

3- التفاعل الاجتماعي وقواعد التواصل.

هناك اختلافات في قواعد التواصل والتفاعل الاجتماعي بين ثقافات مختلفة، مثل مدى التقدير للمسافة الشخصية أو طرق التحية.
قد تؤثر القيم الاجتماعية والتوقعات في الثقافة على كيفية التفاعل بين الأفراد، سواء في العمل أو الحياة اليومية. حيث تتغير كل الثقافات والتفاعلات الاجتماعية مما يسهم في تغيير السلوكيات لأعضائها، ذلك يمكن القول اننا نعيش في بيئة اجتماعية حيوية متفاعلة متغيرة أكثر منها ثابتة. وتتغير الثقافات وتندمج ثقافات مختلفة سابقاً (عبد الهادي، 2019، ص 87).

4- فهم الإشارات غير اللفظية.

تكون لدي كل ثقافة إشارات غير لفظية خاصة بها، مثل لغة الجسد وتعابير الوجه. وهي قد تكون مفتاحًا لفهم المشاعر والانطباعات. كما ان الاختلافات الثقافية يمكن أن تؤدي إلى تحديات في التواصل بين مجموعات مختلفة. وقد تحدث سوء التفاهمات إذا لم يتم فهم هذه الاختلافات.

5- مراعاة السياق.

تؤثر الثقافة في كيفية فهم السياقات الاجتماعية والثقافية. مما يؤثر على تفسير الرسائل والتعبيرات. حيث يتأثر سلوك الفرد بثقافة المجتمع وتفاعلاته وعاداته. فيتشكل لديه روح الانتماء للجماعة وبقدر انتمائه يدافع عن قيم واعراف تلك الجماعة. فإذا كانت هذه العراف واضحة ومنسجمة مع بيئته الأسرية. سوف تتجسد في سلوكياته في العمل (عبد الحق وعبد الراضي، 2023، ص101).
إن فهم هذه العوامل. يمكن أن يساعد في تحسين فعالية التواصل بين الأفراد. من ثقافات مختلفة وتقوية فهمهم المتبادل.

قارن بين الثقافات ذات المقام العالي والثقافات ذات المقام المنخفض.

يمكننا المقارنة وذكر الاختلافات الرئيسية بين هاتين النوعين من الثقافات. وأثر هذه الاختلافات على التواصل بين الأفراد كمايلي:
  1. في الثقافات ذات المقام العالي. تتواجد في غالبية دول الشرق الوسط وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. وهناك نجد تفضيل للهياكل الاجتماعية الصارمة والسلطة المركزية. حيث يتواصل الفرد بتلك الثقافة بصورة غير مباشرة وغير رسمية في إيصال الرسالة أو الفكرة. كاعتماد الرموز والايماءات إضافة للكلام. فالقادة والمؤسسات الاجتماعية. يحملون سلطة كبيرة ويتوقع من الأفراد احترامهم وامتثالهم (الفقير، 2018). بينما في الثقافات ذات المقام المنخفض. الهياكل الاجتماعية أكثر أمانًا. فلا يوجد فروقات كبيرة بين الشرائح الاجتماعية. ويكون التواصل أكثر طيبة وبساطة. ويعتمد على المساواة والمشاركة. فنجد طغيان الاتصال اللفظي على الرسائل اللالفظية (بومان، 2023، ص263)
  2. في الثقافات ذات المقام العالي. قد تكون اللغة الرسمية معقدة ومتشددة. مما يتطلب استخدام تعابير معينة للمحادثات الرسمية. حيث يتم التأكيد على المعلومات غير اللفظية. كما أن الأساليب السلوكية لها أهمية أكثر من اللغة المنمقة. بينما في الثقافة ذات المقام المنخفض. يمكن أن تكون اللغة أكثر بساطة ومرونة. والتواصل يكون أكثر مباشرة وغالبًا يعتمد على اللغة الحية وغير الرسمية. فنجد الحرية في توجيه الأسئلة بصورة صريحة. ويعتمدون على الحدس في إدراك الحقائق (بومان، 2023، ص 263-264).
  3. في الثقافة ذات المقام العالي، من الممكن أن يكون هناك توجيه وإشراف أكبر من الأكبر سناً أو القادة. والتحية والاحترام للمرشدين يعتبر أمراً ضرورياً. فيكون هناك التزام مع الأعراف والتقاليد. فضلاً عن التأكيد على الإنجاز الجماعي مقابل الإنجاز الفردي (بومان، 2023، ص263). بينما في الثقافات ذات المقام المنخفض. يتوقع من الأفراد أن يكونوا أكثر استقلالية وقراراً بشأن أفعالهم وقراراتهم، كما أن هذه المجتمعات تتسم بالبساطة مع تمتعها بعلاقات اجتماعية متماسكة ومكملة لبعضها البعض تبعاً لرأي فراند توينز (عبد العزيز،2017، ص500).
  4. في الثقافات ذات المقام العالي. تكون العلاقات الاجتماعية مبنية على الهياكل الاجتماعية والعائلة والمجتمع. وقد تكون أكثر تعقيدًا. وتكون هذه العلاقات عمودية كالعلاقة بين مدير العمل او القائد والموظفين. حيث تتمثل هذه العلاقة في القوانين والأوامر والأحكام وتنفيذ تلك الأوامر. كذلك هناك العلاقات أفقية بين بين مدير مالي ومدير إداري فتكون العلاقة بينهم . من خلال المناقشة لمصلحة العمل (بودراع، 2017، ص55). بينما في الثقافات ذات المقام المنخفض. العلاقات تكون أكثر مرونة وتعتمد على الصداقة والاهتمام الشخصي.

كيف يؤثر الاختلاف بين ثقافات المقام العالي وثقافات المقام المنخفض على التواصل مع أشخاص من كلا الثقافتين؟

يمكن لهذه الاختلافات أن تؤثر على تواصلنا مع أشخاص من كلا الثقافتين كمايلي:
  1. إدراك والاطلاع على هذه الاختلافات بشكل مسبق قد يساعد في تجنب المفاجآت والصدامات الثقافية
  2. في العلاقات مع أشخاص من ثقافات ذات مقام عالي. يمكن أن يكون الاحترام والامتثال للهياكل الاجتماعية مهمًا. فالحركات التعبيرية ومخاطبة الآخرين. بأسمائهم الأولى فقط في بداية اللقاءات وقبل تأسيس العلاقات الاجتماعية بصورة جيدة. قد يخرب الصورة الاحترافية لنا أمام الثقافات الأخرى (بومان، 2023، ص271).
  3. في العلاقات مع أشخاص من ثقافات ذات مقام منخفض. يمكن أن يساعد التواصل المباشر والتعبير عن الرأي بصراحة في بناء الثقة. كما أن إظهار التقدير وقول عبارات مثل عذراً. من فضلك، وغيرها من العبارات الدمثة له أثر كبير في تيسير الأمور. فهذه الكلمات تغرس اللطف والكياسة (بومان، 2023، ص280).
  4. التعلم والاستماع إلى آراء وقيم الأفراد من هذه الثقافات. يمكن أن يسهم في تحسين التواصل وتعزيز الفهم المتبادل.
في الختام👈 نستنتج إن نشوء العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص تحكمها قوانين وضوابط. وتحتاج معايير واعتبارات مختلفة. ويمكن القول إن شخصية الفرد ومجموعة الخبرات والثقافات الخاصة به. والتي اكتسبها من المجتمع والثقافة السائدة فيه. وكيفية استغلاله للمعايير الثقافية الخاصة بكل مجتمع.

المراجع.

  1. السعران، محمود. (1963). اللغة والمجتمع – رأي ومنهج. مجلد1. ط2. الإسكندرية: مكتبة لسان العرب.
  2. الفقير، منصور. (15 يوليو 2018). ثقافة السياق المنخفض وثقافة السياق العالي. صحيفة مكة. تم الاسترجاع من الرابط https://2u.pw/2G00u.
  3. بومان، جوديث. (2023). لا تأخذ الفطيرة الخيرة – قواعد جديدة لآداب السلوك في دنيا الأعمال. ترجمة مروان البواب. ط1. المملكة العربية السعودية. دار العبيكان للنشر. مكتبة المنهل. تم الاسترجاع من الرابط https://platform.almanhal.com/Details/Book/43531 .
  4. بودراع، فوزي. (28 حزيران 2017). ثقافة المؤسسة وطبيعة العلاقات الاجتماعية – دراسة ميدانية بمؤسسة سوناطراك فرع مركب GPIZ. رسالة ماجستير في تخصص علم الاجتماع العمل والتنظيم. كلية العلوم الاجتماعية. جامعة وهران.
  5. شرشال، عبد القادر. (2002). أهمية اللغة ووظائفها في عمليات التواصل – قراءة في كتاب مدخل إلى التحليل اللساني " اللفظ، الدلالة، السياق". العدد 17: الجلفة. الجزائر: مجلة أنسنيات.
  6. عبد العزيز، فكرة. (2017). العلاقات الاجتماعية من منظور سيوسيولوجي. العدد13. مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية.
  7. عبد الهادي، نبيل. (2019). تشكيل السلوك الاجتماعي. عمان. الأردن: دار اليازوري العلمية.
  8. عبد الحق، خالد السيد وعبد الراضي، دعاء محمود عبد العال. (2023). أخلاقيات العلاقات العامة. عمان. الأردن: دار اليازوري العلمية.
google-playkhamsatmostaqltradent