كيف يمكن علاج الأزمة المالية؟
إن الأزمة المالية العالمية الحالية تشكل أكبر التحديات الاقتصادية. التي تواجه العالم اليوم. ومن آثار هذه الأزمة هو تضرر البنوك والشركات المالية وخاصة العقارية. بسبب عجز المقترضين عن سداد قروضهم. مما سبب في انخفاض قيم أسهم البورصة.وخسارة العديد منهم والإعلان عن إفلاسهم. مما خلق عدم ثقة وتخوف في الأوساط المالية. وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة. مما دفع الحكومات والمؤسسات المالية إلى البحث عن حلول نقدية لتخفيف تأثيرها.
اقترح حلول نقدية للأزمة المالية الحالية وناقش ما إذا كانت هذه الحلول قابلة للتطبيق دائمًا؟
وجهة نظر أولى من الحلول النقدية المقترحة:
- تخفيض أسعار الفائدة: والذي يهدف إلى تشجيع الاقتراض والاستثمار بتوفير الأموال وتشجع انخفاض الفوائد الأفراد والشركات على الاقتراض ومن ثم الاستثمار بصورة أكبر مما يعزز النشاط الاقتصادي (العايب وبوخاري،2013)
- تقديم المنح المالية والقروض الميسرة للشركات الصغيرة والمتوسطة بهدف دعمها. لأنها تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد. ومن خلالها يمكن توفير فرص عمل كثيرة وبالتالي تحفيز الاقتصاد الوطني(فنون، 2019).
- على الدول النامية أن تقوم بتكثيف التجارة بين أسواقها. بالإضافة لضرورة تنويع صادراتها. واتباع سياسات وطنية تحد من التبعية للأسواق المالية العالمية والتأثر بأزماتها الكبرى. والسعي لتأسيس أسواق إقليمية مشتركة كما في أسواق جنوب شرق آسيا.
- تشجيع البنوك على المرونة في تطبيق سياساتها النقدية من خلال تسهيل شروط منح القروض كتخفيض أسعار الفائدة. وتقليل تكاليف عمليات الإقراض وتقليص نسبة الاحتياطي الإلزامي المودع في هذه البنوك. مما يؤدي لزيادة السيولة النقدية لدى الشركات لتمويل احتياجاتها الاستثمارية في ممارسة نشاطاتها ومشاريعها المتنوعة. وزيادة قدرة الأفراد على الشراء والإنفاق على متطلباتهم الرئيسية. وبالتالي يتم تنشيط الأسواق بتحريك الانفاق والاستهلاك.
- تعزيز الثقة في سوق الأوراق المالية – كما في الحالة القطرية – من خلال شراء نسبة من رأسمال البنوك المدرج في السوق. بهدف تعزيز ثقة الجمهور في الملاءة المالية للبنوك. حيث تم تدعيم ذلك عن طريق شراء أسهم محلية بقصد دعم أسعار البورصة بعد الانهيار الذي عرفته البورصة وتوقف الاستثمارات. كما قامت بتخفيض أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية للتقليل من تكلفة تمويل البنوك (كورتل، 2009، ص12).
- اتخاذ مجموعة اجراءات تضمن سلامة أسواق المال والاقتراض وضمان حصول المؤسسات المالية على السيولة النقدية التي تحتاجها. حيث يجب إعادة الثقة بالأسواق من خلال تعزيز قدرة المصارف والشركات على الحصول على الأموال الكافية من مختلف المصادر العامة والخاصة. والسماح لها بمواصلة الإقراض. وضمان سلامة الودائع لنشر الثقة بين المودعين على سلامة ودائعهم. وتفعيل القروض المضمونة. وكذلك إنشاء أسواق ثانوية للرهون العقارية. فكلما ازداد تطور أسواق القروض العقارية سيتاح للمقرضين سهولة أكبر في التمويل من خلال أسواق رأس المال (كورتل، 2009، ص12).
وجهة نظر ثانية لمواجهة الازمة المالية العالمية
ان من أهم الحلول التي قدمت لمواجهة الازمة المالية العالمية ما قدمته الدول الصناعية السبع الكبرى من حلول ومقترحات أهمها: (مسعود، 2010).- اتخاذ دول المجموعة إجراءات حاسمة وان نستخدم كل الآليات المتاحة. من أجل دعم المؤسسات المالية الحيوية .
- اتخاذ مجموعة الخطوات الضرورية الكفيلة بسلامة أسواق المال والاقتراض وضمان حصول المصارف وغيرها من المؤسسات المالية على السيولة النقدية التي تحتاجها.
- ضمان قدرة المصارف والمؤسسات على الحصول على الأموال من المصادر العامة والخاصة بكميات كافية لإعادة الثقة بالأسواق. وللسماح لها بمواصلة الإقراض .
- تمتع البرامج الخاصة بضمان سلامة الودائع بالقوة الكافية لإشاعة جو من الثقة في أوساط المودعين سلامة ودائعهم التحرك - عندما يكون ذلك مناسباً - لتفعيل الأسواق الثانوية للرهون العقارية وغيرها من القروض المضمونة.
- أن تتخذ هذه الإجراءات بطرق تحمى دافعي الضرائب وتتجنب إيقاع تأثيرات ضارة بالدول الأخرى. واستخدم الأدوات الاقتصادية العمومية المتاحة عند الحاجة وبالطرق المناسبة.
من ناحية أخري يمكن القول ان الدول تستطيع مواجهة مثل تلك الازمات التي تواجها من خلال مجموعة من الحلول نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
- أن يكون للدولة دور واضح وفعال لتنظيم السوق وضبط ايقاعه بهدف زيادة فاعلية السوق على أساس المنافسة والشفافية الحقيقية. وتنسيق السياسات الاقتصادية بين الحكومة والقطاع الخاص. وتشجيع القطاع الخاص غير المستغل والملتزم بقوانين الدولة وأهدافها وتكاليف الجميع للتصدي للتداعيات السلبية للأزمة.
- لابد من إجراء تخفيضات على الضرائب غير المباشرة (وخاصة ضريبة المبيعات والضرائب الجمركية على المواد الغذائية والمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج. الأمر الذي يؤدى إلى تخفيض تكاليف الإنتاج ومن ثم تمرير هذه التخفيضات على الأسعار. وبالتالي دفع معدلات التضخم إلى الهبوط وتحفيز الإنفاق وتحريك الطلب وتنشيط الأسواق.
- كما يجب على الدول ان تأخذ دورها في مواجهة مثل تلك الازمات عبر مجموعة من الحلول كأن يكون دور الدولة واضحاً في تنظيم الأسواق لزيادة فعاليتها من ناحية المنافسة والشفافية. وتشجيع القطاع الخاص الملتزم بالقوانين الموضوعة. لمواجهة التداعيات السلبية والتصدي لمسببات انهيار الاقتصاد. بالإضافة للسعي نحو تقليص الضرائب الجمركية على مختلف المنتجات الغذائية ومستلزمات الإنتاج. مما يخفض من تكاليف الإنتاج وبالتالي انخفاض في الأسعار ومنه انخفاض معدلات التضخم وتحفيز الإنفاق وبالتالي نصل إلى تنشيط الأسواق.
وجهة نظر ثالثة لاقتراح العديد من حلول الأزمة المالية العالمية
يوجد العديد من الحلول التي يمكن استخدامها لحل جانب المشاكل النقدية وأيضا يمكن اعتماد بعضها بشكل دائم إذا كانت تتناسب مع وضع ونوع الأزمة المالية لتلك البلدة ومنها:- تحليل الوضع المالي: وهي من أول الخطوات التي يجب أن تقام حيث يتم تقييم الوضع المالي الحالي للشركات والأفراد لتحديد الجوانب التي تحتاج تحسين. أيضا إيجاد نظام عمل للبنوك المركزية حيث تضع قوانين تضبط نظام عملها وتحدد نوع السياسة النقدية المناسبة لاتباعها.
- تقليص الإنفاق الحكومي عن طريق تقليص الإنفاق العام وتقليص الديون العامة. كما يمكن التفاوض مع الدائنين والموردين على شروط أفضل لسداد الديون أو حتى تأجيل الدفعات. بعض الأحيان يكون تطبيق مثل هذا النوع من الحلول صعب التنفيذ بسبب المقاومات السياسية والاقتصادية.
- رفع أو تقليص سعر الفائدة وفقا للعديد من العوامل وهم معدلات التضخم ومعدلات البطالة وأيضا لتحفيز السيولة لذلك تلجأ بعض البنوك المركزية إلى تقليص أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار والإنفاق ومع ذلك يجب الحذر حتى لا يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات التضخم وتحفيز الديون.
- تنظيم القطاع المالي والاحتفاظ بالاحتياطي القانوني والذي عادة يتركز في البنوك المركزية والذي يمثل نقطة استناد عند حدوث أي خلل في الواقع المالي والسوق المالي.
- تحفيز النمو الاقتصادي وذلك عبر تطبيق سياسات تحفيزية لتعزيز الاقتصاد وزيادة الانتاجية وتوفير الوظائف مثل هذا الحل يستغرق فترة طويلة حتى تظهر نتائجه الايجابية ولكنه من الحلول الجيدة.(الكفائي،2023)
الحلول التي اعتمدتها دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة الازمة المالية
ان دول مجلس التعاون الخليجي من اكثر الدول التي تأثرت اقتصاداتها بالازمة المالية العالمية ، ولذلك يمكن اضيف بعض الحلول التي اعتمدت عليها دول مجلس التعاون الخليجي للازمة المالية من خلال قيام العديد من الدول باتخاذ مجموعة من الإجراءات ومنها ما يلي (مسعود، 2010):🔔 الكويت: لأجل التخفيف من حدة التوترات في الأسواق المالية قامت الدولة بضخ مليار دينار كسيولة في الأسواق. وعرض البنك المركزي أموالا لليلة واحدة. ولأسبوع. ولشهر قصد توفير السيولة للبنوك خاصة بعد هبوط أسعار البورصة في الفترة الأخيرة.
🔔 الإمارات: منح المصرف المركزي الإماراتي قروض قصيرة الأجل بقيمة 50 مليار درهم أي ما يعادل13.61 مليار دولار. وخصص المصرف تسهيلات للبنوك لاستخدامها كقروض مصرفية. ومن جهة أخرى ولتدعيم حجم السيولة النقدية في البنوك قام بإعادة شراء كل شهادات الإيداع التي تبقى عن مدتها 14 يوم. وألغى بصفة مؤقتة الأيام الست للسحب على المكشوف من الحسابات الجارية قصد إتاحة السيولة للبنوك في الأجل القصير خاصة بعد أن أعلن بنك دبي الوطني تقليل منح القروض الكبيرة وخطط السداد.
🔔 قطر: بغية تعزيز الثقة في سوق الأوراق المالية بالدوحة. قررت هيئة الاستثمار شراء ما بين 10- 20 %من رأسمال البنوك المدرج في السوق لتعزيز ثقة الجمهور في الملاءة المالية للبنوك وتم تدعيم ذلك بشراء أسهم محلية لدعم أسعار البورصة خاصة بعد الانخفاضات المتتالية التي عرفتها البورصة وعزوف جماعي للمستثمرين. إلى جانب ذلك قامت بتخفيض أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية .
🔔 السعودية: أعلن البنك المركزي السعودي عن توفير أي سيولة نقدية تحتاجها البنوك. ومنحها خيار اقتراض ما قيمته 75% من الأوراق المالية الحكومية التي تبلغ قيمتها مائتي مليار ريال أي بما يعادل الازمة المالية 53.1 مليار دولار. كما قرر البنك المركزي خفض معدلات الفائدة بنصف نقطة لتصبح 5% . وكذلك خفض معدل الاحتياطي الإجباري الذي ينبغي على البنوك التجارية المحافظة عليه مقارنة بودائعها.
🔔 البحرين: صرح محافظ البنك المركزي البحريني سلامة الأوضاع خاصة وأن كل بنوكها تستثمر أموالها في دول الخليج المنتعشة إقتصاديا وليس في الأدوات المالية المشتقة. شأنها شأن البنوك الإسلامية وبذلك فهي لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية. وحتى وإن تأثرت فهي قادرة على إتخاذ الإجراءات المناسبة. وعموما يمكن تلخيص الإجراءات المالية المتخذة من دول مجلس التعاون الخليجي.
في الختام 👈 تعد الحلول النقدية كتخفيض أسعار الفائدة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من بين الحلول الممكنة للحد من الأزمة المالية الحالية تبعاً لظروف كل بلد. فكل بلد له ظروفه وقدراته المالية والاستثمارية. فالمعالجة النقدية التسليفية غير كافية لمنع الآثار السلبية للاقتصاد الحقيقي.
فوفقاً لمقولة كنز" يمكن ان تجيء بالحصان للمياه ولكن لايمكنك أن تجبره على أن يشرب". والتالي فتوفر السيولة النقدية لا يؤدي بالضرورة لزيادة حجم الإقراض. وبالتالي زيادة حجم الطلب الكلي. وخاصة في حال كان هناك شكوك وتخوف من دخول الاقتصاد في فخ السيولة (رابح، 2010، ص30).
تختلف أسباب الأزمات المالية من حالة إلى أخرى. ولكنها غالب ما تتضمن مشاكل مثل التقدير المفرط للمخاطر. تراكم الديون. ضعف تنظيم الأسواق المالية. وتضخم فقاعات الأصول.تتطلب معالجة الأزمات المالية عادة استجابة منسقة تشمل سياسات نقدية ومالية. وإصلاحات تنظيمية. ومساعدات من قبل المؤسسات الدولية ومن تلك العوامل يتحدد سلوك الفرد أو المستهلك وذلك السلوك عقلاني ورشيد (البدور وأحمد، 2011).
المراجع.
- البدور، جابر محمد. وأحمد.، عبد الغفور إبراهيم (2011). مبادئ الاقتصاد الجزئي. الأردن. عمان : دار آمنة للنشر والتوزيع.
- العايب.،وليد وبوخاري. لحلو. (2013). اقتصاديات البنوك والتقنيات البنكية. بيروت. مكتبة حسن العصرية. تم الاسترجاع من الرابط التالي https://platform.almanhal.com/reader/book/50752.
- الكفائي، حميد. (28 مارس 2023). الازمه المالية العالمية تحتاج الى حلول مبتكرة. موقع سكاي نيوز عربية. تم الاسترجاع من الرابط https://v.gd/SHFl4e.
- رابح، فضيل. (2010). الأزمة المالية العالمية الأسباب. الانعكاسات والحلول. العدد2. المجلد 4. جامعة بسكرة. الجزائر: أبحاث اقتصادية وإدارية.
- فنون، مؤمن منصور. (2019). اتفاقية بريتون وودز. موضوع. تم الاسترجاع من الرابط https://2u.pw/p4RS1.
- كورتل، فريد. (2009). الأزمة المالية: مفهومها. أسبابها وانعكاساتها على البلدان العربية. العدد20. مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة.
- مسعود، سميح. (2010). الأزمة المالية العالمية – نهاية الليبيرالية المتوحشة. المركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط – مونتريال. منصة المنهل. تم الاسترجاع من الرابط https://platform.almanhal.com/Reader/Book/684.