استراتيجيات القراءة والكتابة الأكاديمية في الجامعة

 فوائد المنظمات المتعلمة

انتشر الحديث في الآونة الأخيرة عن المنظمات المتعلمة. وتعددت الابحاث والدراسات التي تناولت البحث في معانيها وتعاريفها. وكيف يمكن الوصول إليها؟ وماهي الفوائد التي يمكن أن تجنيها المنظمة المتعلمة في تحقيق أهدافها في البقاء في سوق المنافسة؟ ومدى التقدم والتحسين في أوجه نشاطاتها المختلفة.

التعلم التنظيمي والمنظمة المتعلمة.

بدأ مفهوم المنظمة المتعلمة بالنشوء مع تطور مبدأ التعلم التنظيمي. والذي يعني بشكل رئيسي تحسين الأنشطة التي تقوم بها المنظمة (الداخلية والخارجية) عبر المعرفة والفهم العميق. فلذلك يمكن اعتباره بأنه عملية يتم بواسطتها التوسع والتعمق في المعرفة ضمن إطار ملائم هو المنظمة المتعلمة (كردي، 2010).

وبالانتقال إلى المنظمة المتعلمة فيمكن القول أنها:

1. كيان يعتمد على تعزيز مبدأ التعلم المستمر وخلق واكتساب المعرفة على كافة المستويات.
2. نموذج تنظيمي يدرك حتمية التغيير واستمراره ويتفهم أهمية التكيف معه. لذلك فإن جميع أفراد المنظمة يقومون بتحديد القضايا او المشكلات المتعلقة بالعمل ويساهمون بفعالية في حلها.

وبالتالي أهمية اكتساب المعارف الجديدة. والبحث عن الافكار والاستفادة منها بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتنظيم وتحسين الأداء في المنظمة. ولذلك فإن مفهوم التعلم لا يقتصر على الدورات والبرامج الرسمية التي تنظمها المنظمة. 

بل يتعداها ليصبح ركناً أساسياً من الثقافة التنظيمية. فتشارك المنظمة بكامل أفرادها في اكتساب ومشاركة وتطبيق المعرفة. من خلال التركيز على الابتكار والتعاون والقدرة على الاستجابة بسرعة للتحديات والفرص (Gupta, 2024).

اقرأ أيضاً لاتفيا Latvijas Republika – ماذا تعرف عن لاتافيا وما هي فرص العمل فيها؟.

أهمية المنظمة المتعلمة.

إن أهمية مفهوم المنظمة المتعلمة تأتي من جملة الفوائد التي تجنيها المنظمة من خلالها وأهمها:

• ضمان النجاح للمنظمة على المدى البعيد.ضمان ادخال التحسينات الواقعية وبشكل تدريجي.
• ضمان التأكد من نقل ومحاكاة أفضل الممارسات ضمن المجال الذي تعمل فيه.
• تعمل على زيادة الإبداع والابتكار بين أفرادها والقدرة على التكيف.
• تسعى لدعم الأفراد الذين يرغبون بالنجاح والتعلم وتسعى للاحتفاظ بهم.
• تعمل على ضمان القدرة على تلبية احتياجات الزبائن الحالية والمستقبلية.

إذاً فأهمية المنظمة المتعلمة تكمن في العمل على التغيير بطرق التفكير. وتعتمد على التفاعل الاجتماعي. وتشجع على تعزيز التواصل المفتوح بين كافة أفرادها. وتعزز روح التجريب والتفكير. وتقدر بشكل عال الذكاء الجماعي. وتدعم قدرة التعلم لأفرادها (البغدادي و العبادي، 2010، صفحة 65).

اقرأ أيضاً قوى التغيير في المنظمات وإدارة التغيير.

العناصر الأساسية الخمسة لتنظيم التعلّم وفقاً لنموذج سينج (Senge). مع الأمثلة.

إن بناء منظومة تعلّم أمرٌ حاسمٌ للنجاح في بيئة الأعمال سريعة التغير والتطور في الوقت الحاضر. ورأينا أن المنظمة المتعلمة هي المنظمة التي تعمل باستمرار على رفع قدراتها وطاقتها. لتحقيق الأهداف المستقبلية التي ترغب في تحقيقها. من خلال قدرتها على التنبؤ بالتغيير والاستعداد لمتطلباته 1994. 

وقد حدد سينج (2006, Senge ) أبعاد المنظمه المتعلمه. والتي يجب أن تتوافر في أي مؤسسة حتى تعتبر منظمة متعلمة. وهذه الأبعاد هي (محمد معوض، 2018، ص 182-183):

1- التمكين أو التعلم الشخصي.

يتمثل هذا البعد في ضرورة توفير البراعة الشخصية لدى الفرد بحيث تحفز لديه الدافع الذاتي للتعلم المستمر. بالاعتماد على وضوح وعمق الرؤية الذاتية. والرؤية الموضوعية للواقع بما يساهم في تركيز الجهود. ويضمن تحقيق الفرد لأهدافه التي يسعى لتحقيقها. كما يجب أن يُشجع جميع أعضاء المنظمة على التعلم المستمر وتطوير مهاراتهم.

مثال✅توفر شركة "جوجل" لموظفيها العديد من فرص التعلم والتطوير. مثل برامج التدريب والبرامج التعليمية وبرامج التوجيه.

2- النماذج الذهنية.

هي مجموعة من الافتراضات والتعميمات أو المعتقدات والاتجاهات التي ترسخت في الأذهان. والتي تؤثر على طريقة إدراك الفرد للمحيط من حوله وتفسيره للأحداث المحيطة به. والتي تنعكس على كيفية تصرفه تجاهها وفقاً لذلك. 

سواء على المدى القصير أو الطويل الأمد. والناجمة عن عمليات الاقتناع الذاتي التي يقوم بممارسها. كما يجب أن يكون لدى جميع أعضاء المنظمه وعي بالافتراضات والأفكار التي تُشكل طريقة تفكيرهم.

مثال✅ شركة "جنرال إلكتريك" لديها برنامج يُعرف باسم "القيادة الخلاقة". يُساعد هذا البرنامج على تطوير مهارات القيادة لدى الموظفين من خلال تعليمهم كيفية التفكير بشكل إبداعي وتحمل المخاطر.

3- بناء رؤية مشتركة.

في هذا البعد يتم التركيز على قدرة مجموعة الأفراد ضمن تنظيم معين. على وضع رؤية موحدة للمستقبل الذي يسعون لتحقيقه. وهو الأمر الذي يساهم في زيادة قدرة أفراد التنظيم والتركيز على التعلم المؤسسي. وعلى قيامهم بالمهام والأنشطة التي تسهم بتحقيق تلك الرؤية. وتسمح لهم بنقل ومشاركة الأفكار والمهارات الجماعية. 

ويجب أن يكون لدى جميع أعضاء المنظمة فهم واضح لمستقبل المنظمة وما تسعى لتحقيقه. تُساعد الرؤية المشتركة على تركيز جهود الجميع وتوجيههم نحو هدف مشترك.

مثال✅ شركة "مايكروسوفت" لديها رؤية مشتركة تتمثل في "تمكين كل شخص ومنظمة على وجه الأرض لتحقيق المزيد". تُساعد هذه الرؤية على توجيه جميع قرارات الشركة واستثماراتها.

4- تعلم الفريق من التجربة.

في هذا البعد يتم اعتبار التعلم الجماعي هو الاساس في نجاح المنظمة. فهو يسهم في الارتقاء بأدائها المؤسساتي إلى درجات عالية من المهنية والاحترافية. 

ويتم تحقيق ذلك من خلال توظيف أداء الأفراد بشكل جماعي. وتنظيم وترتيب وتوحيد جهود فريق العمل لتحقيق أهداف التنظيم. ويجب أن تُشجع المنظمه على التعلم من الأخطاء والنجاحات.

مثال✅ شركة "أمازون" لديها ثقافة قوية للتعلم من الأخطاء. تُشجع الشركة على تجربة أشياء جديدة. حتى لو فشلت.

5- التفكير النظمي.

من خلال هذا البعد تعمل المنظمة ككيان بأهداف. ومع أن المنظمة تتألف من مجموعة الأقسام التي تبدو للوهلة الاولى منفصلة عن بعضها البعض. إلا أنها تتبادل فيما بينها التأثير والتأثر. وبالتالي فإن ما يقوم الفرد بتعلمه أو فعله ينعكس تأثيراً على باقي أجزاء المنظمة. 

ومن هنا فإنه يتوجب على الأفراد داخل التنظيم معرفة أداورهم وعلاقتها بأدوار الآخرين لتجنب حدوث أي خلل في الأداء العام للمنظمة. ويجب أن يكون لدى جميع أعضاء المنظمة فهم لكيفية تفاعل أجزاء المنظمة المختلفة مع بعضها البعض. وكيف تؤثر قراراتهم على المنظمة ككل.

مثال✅شركة "تويوتا" لديها نظام إنتاج مشهور يُعرف باسم "نظام تويوتا للإنتاج". يُساعد هذا النظام على تحسين كفاءة الإنتاج من خلال التركيز على تحسين العمليات والقضاء على النفايات.

كيف يمكن استخدام عناصر المنظمة المتعلمة لتحديد ما إذا كانت المنظمة منظمة تعلّم أو لا؟

من خلال التساؤلات التالي:

• هل لدى المنظمة رؤية مشتركة واضحة؟
• هل تُشجع المنظمة على التعلم الشخصي؟
• هل لدى أعضاء المنظمة فهم للتفكير النظمي؟
• هل لدى أعضاء المنظمة وعي بالنماذج الذهنية؟
• هل تُشجع المنظمة على التعلم من التجربة؟

إذا كانت المنظمة تُجيب بـ "نعم" على جميع هذه الأسئلة. فمن المرجح أن تكون منظمة تعلّم.

يُعدّ بناء منظومة تعلّم أمرًا ضروريًا للنجاح في بيئة الأعمال سريعة التغير. تُساعد العناصر الأساسية الخمسة لتنظيم التعلّم وفقاً لنموذج سينج (Senge) على تحديد ما إذا كانت المنظمة منظمة تعلّم أم لا.

ما هو العنصر الذي تعتقد أنه الأكثر أهمية ليُمارس أولاً في منظمتك ولماذا؟.

أعتقد أن العنصر الأكثر أهمية لتنظيم التعلّم هو التعلم الشخصي. للأسباب التالية:

• يُحفز الموظفين ويُشجعهم على التعلم المستمر وتطوير مهاراتهم. يشعرون بمزيد من التحفيز والالتزام تجاه المنظمة.
• يُحسّن من الأداء ويُؤدي إلى تحسين مهارات الموظفين. مما يُؤدي بدوره إلى تحسين أدائهم وإنتاجيتهم.
• يُعزز الابتكار ويُساعد على خلق بيئة عمل إبداعية. حيث يشعر الموظفون بالراحة لتجربة أشياء جديدة والتفكير خارج الصندوق.

ما هي خطة العمل المطورة لتطبيق هذا العنصر في منظمتك.

خطة عمل لتطبيق التعلم الشخصي.

1. تقييم احتياجات التعلم: تحديد احتياجات التعلم للموظفين من خلال تقييمات المهارات والاختبارات والمراجعات.
2. تطوير برامج التعلم: تطوير برامج تعليمية تلبي احتياجات الموظفين. مثل برامج التدريب والبرامج التعليمية وبرامج التوجيه.
3. توفير الموارد: توفير الموارد اللازمة لدعم التعلم الشخصي. مثل الكتب والمراجع والمواد التعليمية.
4. تشجيع التعلم المستمر: تشجيع الموظفين على التعلم المستمر من خلال منحهم الوقت والموارد اللازمة للتعلم.

ما هي التحديات والفرص التي تتوقعها خلال عملية تطبيق هذا العنصر في منظمتك. سواءً على المدى القصير أو الطويل.

أن التحديات والفرص على المدى القصير والمدى البعيد يمكن توضيحها فيمايلي.

على المدى القصير.

• التكلفة: قد تكون تكلفة تطوير برامج التعلم وتوفير الموارد مرتفعة.
• المقاومة من التغيير: قد يُقاوم بعض الموظفين التغيير في ثقافة العمل.
• نقص الوقت: قد لا يكون لدى الموظفين الوقت الكافي للتعلم.

على المدى الطويل.

• تحسين الأداء: يُمكن أن يؤدي التعلم الشخصي إلى تحسين أداء الموظفين وإنتاجيتهم.
• زيادة الابتكار: يُمكن أن يُساعد التعلم الشخصي على خلق بيئة عمل إبداعية.
• تحسين الاحتفاظ بالموظفين: يُمكن أن يُساعد التعلم الشخصي على تحسين الاحتفاظ بالموظفين من خلال جعلهم يشعرون بتقديرهم واهتمام المنظمة بتطويرهم.

في الختام يُعدّ تطبيق التعلم الشخصي في المنظمة تحديًا كبيرًا. ولكنه يُقدم العديد من الفوائد على المدى القصير والطويل.

وهذه مجرد خطة عمل عامة. ويجب على كل منظمة تكييفها مع احتياجاتها الخاصة.

المراجع.

1. أحمد السيد كردي. (19 نوفمبر، 2010). المنظمة المتعلمة. كنانة أونلاين. تم الاسترجاع من الرابط . https://kenanaonline.com/users/ahmedkordy/posts/190523.
2. البغدادي، عادل هادي حسين والعبادي، هاشم فوزي دبا. (2010). التعلم التنظيمي والمنظمة المتعلمة وعلاقتهما بالمفاهيم الإدارية المعاصرة. عمان: مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.
3. معوض، فاطمة عبد المنعم محمد. (2018). مستوى تطبيق أبعاد المنظمة المتعلمة في كلية التربية بجامعة القصيم وفق نموذج بيتر سينج. مجلة كلية التربية بالمنصورة.
4. Disha Gupta. (23 January, 2024). What Is a Learning Organization? +Benefits, Core Principles. whatfix: https://whatfix.com/blog/learning-organization/